المتأمل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله يعجب من فقهه في معاملة النفوس وتربيتها ورفقه في إصلاح الأخطاء وعلاج ما بها من خلل.
يظهر ذلك في مواقف تربوية كثبرة تستحق الوقفة والتأمل للاستفادة منها في واقعنا الذي نعيشه.
ومن أكثر هذه المواقف تعجبا هو موقف الشاب الذي ذهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنا!!
فعن أبي أمامةـ رضي الله عنه- قال: (إن فتى شابا أتى النبيَّ- صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا!
فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: ادنه، فدنا منه قريبا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟، قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟، قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا واللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال: فوضع يده عليه وقال: اللَّهمّ اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء) رواه أحمد.
وفي رواية أخرى: وقال: (اللهم طهر قلبه، واغفر ذنبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن شيء أبغض إليه منه- الزنا ).
وهنا درس عملي لكل مربي أبا كان أو أما أو معلما، فلابد من اللطف والرفق في التعامل وهو أنفع من التعنيف، فالاقناع برفق وحكمة هو الباب الصحيح لصرف العقول والقلوب عن المخالفات.
– لم ينظر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الشاب على أنه فقد الحياء والخير بل تفهم حقيقة ما بداخله من شهوة وفي نفس الوقت لمس فيه الخير فتعامل معه بمنطق الاقناع العقلي مع الشفقة والحب، فرجع الشاب إلى رشده وإلى طريق العفة والاستقامة.
وفي هذا الحديث نجد أساليب تربوبة
– القرب.. فدنا منه
– الجلوس.. فجلس
– الملامسة.. فوضع يده عليه
– الدعاء له ( اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه)
هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة النفوس فهل لنا من الاقتداء بخير خلق الله..
لقد كان لنا فيه أسوة حسنة..