رانية يوسف تكتب.. مأساة الخداع

admin14 ديسمبر 2023آخر تحديث :
رانية يوسف

لطالما أدهشتني الضلالات، حيث يستغرق المرء فيها مسافة مضاعفة في طريق الحياة. أن تختار الطرق المعوجة والملتوية من أجل الوصول لغاية ما،أي غاية، لهو مجهود مضاعف مبذول في غير محله. ولو أنك اتخدت الطريق المستقيم بوضوح مسلكه وشفافية خطواته وخلوه من انحرافات الهدف لمنحك ذلك القدرة على التحليق ورفعك إلى قامة الإنسان على الأرض!

 

والذي يقص أجنحة الإنسان حقا ويجعله في قاع الجحيم هو الزيف. الزيف يقودك إلى الظلام الدامس، يمر بك على مغارات نائية في النفس حتى يصل بك إلى الهاوية.

 

وأسوأ ما قد يختاره إنسان بكامل إرادته هو أن ينزل بغشاء العمى على إنسان آخر ويقحمه في سلسلة ألاعيبه الخادعة لمجرد أنه لمس فيه شعورا من التسامح ورأى هالة من العاطفة تحيط بعلاقته الإنسانية معه!

 

ولأن المعاناة هي أصل الوعي؛ فعادة ما نجد أولئك الذين عانوا من الخداع لفترات طويلة تنفجر فيهم ملكة البحث والتقصي واستسقاء الحقيقة؛ ويكون حينها العيشُ في ألمٍ وعذابٍ هو ثمن الإدراك.

 

ولكي يصلوا إلى نقطة التحرر والتعافي من سطوة إنسان مراوغ ومخادع عليهم التجرد من العاطفة والنظر للأمور بعين مجردة واستقبال رسائل الله لهم، والتي يقينا تكون حاضرة لتلك النفوس التي لم تسلك طريقا ملتويا ولم تتخذ الخداع أو الغموض المرضي أو الكذب سبيلا لأي غاية؛ فالكذب هو آفة المهزومين والضعفاء وأسرى أهوائهم؛ الحر لا يكذب!

 

والتواء الأسلوب هو من سمات الأفاعي الذي تستخدمه للانقضاض على فريستها المغدورة؛ لم يكن أبدا من رسالة الإنسان على الأرض أن يكتسب سمات الخديعة ويلتهم بها من أمنه!

 

إلى أولئك الأنقياء، الآمنين الذين وقعوا فرائس لذلك النوع الهجين من البشر، لا تحزنوا؛ أحيانا ربط الخيوط ببعضها يجعلك تخرج بالحقيقة كاملة من جحر الأفاعي!

ولكن تذكر أن ثمة رحمة في عدم إدراك كل شيء وثمة نجاة في معرفة بعض الشيء!

إذ أنه حينما تعرف الحقيقة كاملة لا شيء ينقذك من حتمية الجنون. لذلك بعض الحقيقة يكفي، وبعض الرسائل تكفي للنجاة من مأساة الخداع!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة